قال عمرو حسن، المتخصص في ملف التطوير العمراني والمدن المستدامة، إن القطاع العقاري أحد أهم القطاعات الاقتصادية داخل الاقتصاد المصري ، والذي يتوجه بقوة نحو تطبيق معايير الاستدامة البيئية، حيث تسعى مصر حاليا إلى تطوير جميع المحافظات وتحويلها إلى مدن خضراء، ورفع كفاءة جميع الموارد بها.
ونوه بأن المدن الخضراء تقلل من تأثير الجزر الحرارية، وبالتالي لا يحتاج المواطنون لاستهلاك المكيفات لفترات طويلة، كما يعتمدون على النقل العام مما سيقلل الانبعاثات المسببة لتلوث الهواء، نظرا لاستهلاك الطاقة بنظام الترشيد ومزودة بنظم لجمع وتدوير وفضل المخلفات.
وأضاف: تهدف مصر إلى تطوير مستقبل المدن المصرية بشكل مستدام في ظل الظروف الراهنة والتحديات المستقبلية للتغيرات المناخية، والحاجة الملحة إلى فتح مجالات جديدة للتنمية الخضراء، لتؤدي جانبا هاما في إطار رؤية مصر٢٠٣٠، وخلق مناطق تميز في الصحراء المصرية تسهم في الحدّ من الكثافة السكانية في المدن القائمة، وجذبها من الوادي الضيق إلى المناطق الجديدة المهيأة، مما يساعد على خلخلة الكتلة العمرانية القائمة، التي بدأت تعاني بالفعل من التدهور البيئي الشديد، وعملت مصر على تشكيل «وحدة المدن المستدامة والطاقة المتجددة» بالقرار الوزاري رقم (512) لسنة 2014.
وأوضح أن هذه الوحدة تقوم بوضع اقتراح للاستراتيجية والخطط اللازمة لضمان توفر معايير العمران الاخضر المستدام فى المدن الجديدة، وعلى الأخص فيما يتعلق باستخدامات الطاقة وتقديم الدعم الفنى والتقني والاستشارات والدراسات اللازمة لذلك سواء على مستوى المدن الجديدة القائمة أو المدن المزمع انشاؤها، بالإضافة إلى اقتراح الأطر الاستراتيجية والمعايير ذات الصلة بمصادر نظم واستخدامات الطاقة فى المدن الجديدة، خاصة ما يتعلق منها بترشيد الاستهلاك واستخدام المصادر المتجددة، وذلك بمراعاة تنوع الموارد الطبيعية والخصائص المناخية والجغرافية فى مصر.
ولفت إلى أنه مع تبنّي مفهوم التنمية المستدامة، والاهتمام المتزايد بآثار التنمية على البيئة المادية والاجتماعية والثقافية، ظهر مفهوم «المدن المستدامة» الذي نادى بإيجاد شكل جديد من المدن، والتي تحقق النمو الاقتصادي من خلال قاعدة اقتصادية لا تستنفذ الموارد الطبيعية بالاستخدام غير الرشيد ولا تلوثها، كما تتبنّي مبدأ إعادة استخدام المنتج، وإعادة تدويره وإدخاله في عملية إنتاجية مرة أخرى، أو استعادة الطاقة المستثمَرة في هذا المنتج.
وأوضح أن المدينة المستدامة هي مدينة خضراء صديقة للبيئة، تتوازن فيها الطاقة الاستيعابية للموارد والنظم البيئية المحلية، عن طريق رفع كفاءة استخدام الموارد، وتحقيق الحد الأدنى من المخرجات الملوثة، حتى يتسنى للنظام الإيكولوجي تجديد نفسه، ومنع التلوث بتقليل المخلفات التي يمكن للطبيعة استقبالها، وفي إطار المواجهة العالمية للتغيرات المناخية تتميز المدينة المستدامة بأنها مدينة منخفضة أو صفرية انبعاث الكربون، وبالتالي تسهم في تقليل إنتاج ثاني أكسيد الكربون والمركبات العضوية الأخرى التي تؤدّي إلى زيادة حدة التغيرات المناخية، ويتطلب ذلك استحداث تحولات هيكلية نحو تقليل استخدام الوقود الأحفوري إلى أدنى حد ممكن، وزيادة الاعتماد على موارد الطاقة الجديدة والمتجددة، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الجيولوجية، وطاقة الأمواج وغيرها.
وقال إن من معايير المدن المستدامة، تتضمن كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، وتوجيه المبنى للاستفادة من الطاقة الشمسية والإضاءة الطبيعية والظل، وتأثير المناخ المحلى على البناء، وكفاءة غلاف المبنى الحرارية والنوافذ، مصادر بديلة للطاقة، وتقليل كميات الاستهلاك من الطاقة الكهربائية والمائية.
وأشار إلى أن مصر بدات في إنشاء تلك المدن حيث عملت إحدى شركات العقارات على تطور عمرانى، وإنشاء مدينة «أليكو» كمدينة مستدامة على الساحل الشمالى على مساحة 483 ألف متر مربع «115 فدانا» باستثمارات تقدر بنحو 2.1 مليار جنيه فى المرحلة الأولى، والمزرعة السويسرية على الساحل الشمالى عند الكيلو 83 وبها بيوت ومنازل صديقة للبيئة، كما انها تعتمد على الطاقة الشمسية، وبناء العاصمة الإدارية الجديدة و«بيت الوطن» و«النرجس الجديدة» في التجمع الخامس، وكذلك فى مدينة الشروق ومدينة العبور والعلمين الجديدة ومدينة الجلالة بالعين السخنة والمنصورة الجديدة وغيرهم، من خلال توفير طرق واسعة ذات تصميم جيد ومساحات خضراء شاسعة فى المدن السكنية بحيث تتعدى نسبة الأخضر فى كل مدينة الـ 40 و 50%.
وتابع: بدأت الحكومات والسلطات حول العالم تشعر مواطنيها بأهمية تقليل الانبعاثات الكربونية والتلوث البيئي والتوجه إلى بيئة خضراء، حيث تقوم دولة الإمارات ببناء العديد من المدن المستدامة التي تحافظ على الطاقة، وتُسخر فيها الطاقة المتجددة باستخدام التقنيات والتصميمات المعمارية الحديثة، مثل مدينة «مصدر» في أبو ظبي، وهي أول محاولة في الشرق الأوسط لبناء مدينة مستدامة، تهدف مدينة مصدر إلى تقليل استخدم الطاقة والماء، بالإضافة إلى تقليل إنتاج النفايات، وهي تستخدم مجموعة من التصميمات التقنية والمعمارية، بالإضافة إلى الطاقة الشمسية في التشغيل، ومدينة وردة الصحراء، ومنطقة دبي الجنوب.
وونوه ان المدن المستدامة تحقق فكرة الاستدامة الاجتماعية (Social sustainability) التي تركز على الأشخاص الذين يستخدمون المبنى، واحتياجاتهم الحالية والمستقبلية التى تؤثر فى التصميم، والتى تسعى جاهدة إلى وضع خطة مرنة للغاية، بما يسمح للمبنى بسهولة إعادة مقصودة مع تغير الاحتياجات، وهذا يمكن أن ينطبق على التصميم المستدام لمنزل لأسرة واحدة، فضلا عن مبنى للمكاتب متعددة الطوابق، او تصميم مرن لوسائل يمكن استخدامها فى بناء أطول، ومنع الآثار السلبية التى ينطوى عليها هدم مبنى قديم، وإعادة بناء واحدة جديدة.
كما تحقق المدن المستدامة فكره الاستدامة البيئية (Environmental sustainability)، وتشمل زيادة كفاءة استخدام الطاقة، مما يقلل من كمية الطاقة الرئيسية التى يحتاجها على المدى الطويل، وتركيب معدات توفير المياه للحد من كمية المياه المستخدمة، واستخدام مواد البناء المستدامة، يجب أن تكون لوازم البناء يمكن إعادة تدويرها، متجددة وغير سامة، هذه الإستراتيجيات لتخفيف الضغط السلبى على البيئة المحلية.
الرابط المختصر: https://propertypluseg.com/?p=64703