أظهر تقرير الاستقرار المالي لعام2020، الصادر عن البنك المركزي المصري يناير الجاري، نجاح النظام المالي المصري في احتواء تداعيات جائحة كورونا دون الإخلال بدوره الرئيسي في القيام بالوساطة المالية،مع استمرار الاقتصاد في تحقيق معدلات نمو موجبة خلال العام المالي 2020/2021، بالرغم من تعرض العالم لانكماش اقتصادي خلال عام 2020 تأثرًا بتبعات الجائحة.
جاء ذلك بفضل مرونة وتنوع الاقتصاد المصري والإجراءات والسياسات الاستباقية الفعالة التي تم اتخاذها لمواجهة تداعيات جائحةكورونا، مدعومة بمكتسبات برنامج الاصلاح الاقتصادي،مما ساهم في تخفيف حدة الأثار الاقتصادية والاجتماعية للجائحة على القطاعات المختلفة وانعكس بالإيجاب على استقرار التصنيف الائتماني للدولة، والحفاظ على ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري وإعطاء نظرة إيجابية ومتفائلة حول مستقبل أدائه خلال السنوات المقبلة.
ورغم أن الجائحة تسببت في ارتفاع مستوى عدم اليقينلدى المستثمرين الاجانبمما أدى إلى تراجع صافي التدفقات الأجنبية للأسواق الناشئةخلال عام 2020، إلا أن مقومات الاقتصاد المصري بالإضافة الي تمتع القطاع المصرفي بنسب مرتفعة من السيولة بالعملتينالمحلية والأجنبية قد ساهما فياحتواء الخروج المفاجئ لاستثمارات المحافظ من سوق أذون الخزانة المحلية خلال النصف الأول من عام 2020، بينما شهد النصف الثاني من العام بداية عودة المستثمرين الأجانبوالتي استمرت خلال النصف الأول من عام 2021، لتتخطى حصتهم من إجمالي أرصدة أذون الخزانة بالعملة المحلية- في يونيو الماضي- مستوى ما قبل الجائحة.
كما أدى صافي الاحتياطات الدولية دوره الأساسي في صد التبعات الأولى للجائحة وظل في النطاق الكافي نسبةً إلى الالتزامات قصيرة الأجل من العملة الأجنبية، وقد مكنت هذه المقومات من الحفاظ على استقرار سعر الصرف وانخفاض مخاطر السوق للقطاع المصرفي وعدم تكون مخاطر نظامية ناتجة عن تقلبات رؤوس الأموال الأجنبية.
وكشف التقرير عن نجاح البنك المركزي في تعزيزبيئة الائتمان، مدعوماً بحزمة من السياسات الاقتصادية والاحترازية،وإطلاقهللعديد من المبادرات التي تتناسب مع طبيعة كل نشاط اقتصادي على حديوذلك دون الإسراف في المخاطرة، مما أدى إلى عدمتكوُّن مخاطر نظامية خاصة بإخفاق المقترضين، كما استمرت المالية العامة في إجراءات الضبط المالي مع تحقيق مؤشرات أداء جيدة وتنويع لمصادر التمويل بين الأسواق المحلية والخارجية،وهو مايحد من تعرض القطاع المصرفي لمخاطر اضطرابات أداء المالية العامة.
وأظهر التقرير ارتفاع مؤشر الاستقرار المالي في يونيو 2021مسجلًا 0.51مقابل0.49 في يونيو 2020، نتيجة ارتفاعمؤشرات الاقتصاد الكلي مع استمرار تحقيق القطاع المصرفي لمستوى مرتفع من الاستقراروتخطي مؤشراتهللنسب الرقابية والاسترشاديةبصورة كافية، وهو ما يرجعاليتحديد القطاع للمخاطر بصورة دقيقة ووضع الاستراتيجيات السليمة لإدارتهاوفقا لأفضل الممارسات الدولية والتعليمات الرقابية التي تتفق مع مقررات لجنة بازل.
وأوضح التقرير أن أصول القطاع المصرفي تمثل89.8٪ من إجمالي أصول النظام المالي في نهاية العام المالي 2019/2020، مشيراً إلى تطور بنود المركز المالي للقطاع وتمتعه بمؤشرات سلامة مالية جيدة حتى يونيو2021، وذلك معالاستمرار في استهداف فئات جديدة من الأفراد والشركات، والاستفادة من التكنولوجيا المالية لخدمة العملاء، وهو ما انعكس علي زيادة ثقة الأفراد والقطاعات المختلفة في القطاع المصرفي.
وفي سياق متصل أشاد التقرير بالإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الهيئة العامة للرقابة المالية لمواجهة الآثار السلبية لجائحة كورونا،بالتزامن مع تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا الخدمات المالية بما يساهم في مجابهة المخاطر التي تواجه أنشطة القطاع المختلفة، وهو ما انعكس على استمرار الأنشطة المختلفة في تحقيق مؤشرات أداء جيدةوارتفاع إجمالي أصول القطاع المالي غير المصرفي.
وأكد التقرير أن نتائج اختبارات الضغوطالمختلفة أظهرتصلابة النظام المالي – بمكونيه المصرفي وغير المصرفي – وقدرته على مواجهة الخسائر التي قد تترتب على استمرار التبعات السلبية للجائحة وظهور سلالات متحورة منه، بالإضافة إلى الصدمات التي قد تنتج من التطورات المرتبطة بتغيرات المناخ.
ولفت التقرير إلى أن البنك المركزي يولي اهتمامًا كبيرًا بتعزيزالشمول المالي وتوفير خدمات وأنظمة دفع مناسبة تلبي احتياجات العملاء في ظل التطور التكنولوجي المستمر والمتلاحق في القطاع المصرفي، مع التأكيد على ضرورة استمرار تلك الخدمات وضمان إتاحتها على نحو يرضي كافة المستخدمين، وذلك في إطاردعم النمو الاقتصادي وأهداف التنمية المستدامة التي هي محور استراتيجية “رؤية مصر2030”.
الرابط المختصر: https://propertypluseg.com/?p=43405