أكد المهندس رزق غطاس، عضو اتحاد مقاولي التشييد والبناء وأحد أبرز المتخصصين في قطاع المقاولات، أن السوق المصري يشهد تحولًا كبيرًا نحو الاستدامة والعمارة الخضراء والتطبيقات الحديثة في البناء، مشددًا على أن المقاول أصبح عنصرًا محوريًا في تنفيذ المشروعات طبقًا للتصميمات المعتمدة وبأعلى مستويات الجودة.
وأوضح غطاس في لقائه ببرنامج بوابة الاستثمار، على قناة المحور، أن المقاول هو الكيان المنوط بتنفيذ اللوحات الهندسية الصادرة من المكتب الاستشاري بعد اعتمادها من المالك، مشيرًا إلى أنه بعد التعاقد يتم عقد اجتماعات دورية تجمع المالك والاستشاريين المعماري والإنشائي والإلكتروميكانيكال لوضع خطة التنفيذ التفصيلية.
وأضاف أن شركات المقاولات تعمل وفق جداول زمنية دقيقة معتمدة من المالك، وتبدأ فورًا العمل في الموقع بأطقم مجهزة للحفر والمساحة والتنفيذ، مع متابعة واعتماد مواد البناء أولًا بأول لضمان أعلى جودة.
وتحدث غطاس عن توجه الدولة نحو إنشاء نحو 14 مدينة من مدن الجيل الرابع وفق رؤية مصر 2030، وهي مدن مستدامة تحقق أبعادًا بيئية واقتصادية واجتماعية وجودة حياة متطورة.
وأوضح أن تحقيق الاستدامة يبدأ من مرحلة التصميم عبر استغلال الإضاءة والتهوية الطبيعية لتقليل الأحمال الكهربائية، يليها التصميم الإنشائي الذي يعتمد على مواد وخامات حديثة توفر التكلفة وتقلل الانبعاثات، ومنها استخدام حديد التسليح Grade 7000 الذي خفّض استهلاك الحديد بنسبة تتراوح بين 20–30%.
وأشار إلى استخدام أنواع متطورة من الأسمنت تصل قوتها إلى 500 و600 و700 كجم/سم2، ووصلت في بعض المشروعات إلى 1000 كجم/سم2، ما يسمح بتقليل سماكات البلاطات من 30 و40 سم إلى 20–22 سم، وهو ما يخفض التكلفة والانبعاثات الكربونية في الوقت نفسه.
كما يتم استخدام الزجاج العاكس والمواد العازلة لتقليل درجات الحرارة داخل المباني وبالتالي خفض استهلاك التكييفات والطاقة.
وأقر غطاس بأن قطاع المقاولات واجه تحديات ضخمة نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء بين 2022 و2024 بفعل تغيرات سعر العملة، لكن الوضع أصبح أكثر استقرارًا حاليًا.
وشدد على أن الحل الأمثل هو الالتزام بالجداول الزمنية حتى لا ترتفع التكلفة، إلى جانب توقيع عقود متوازنة بين المقاول والمالك، وهي عقود عادلة للطرفين تضمن تحمل فارق السعر عند الزيادة أو الإعادة عند الانخفاض، مؤكدًا أن العقود المتوازنة أصبحت معيارًا عالميًا لمنع الإضرار بأي من الأطراف.
وذكر غطاس أن مصر خلال السنوات العشر الأخيرة دخلت عصر المشروعات العملاقة من بنية تحتية وقطارات سريعة و ناطحات سحاب، ما أسهم في نقل خبرات عالمية للسوق المحلي.
وأشار إلى أنه عمل في الخارج في مشروعات عالية الارتفاع، ونُقلت تلك الخبرات إلى مصر، ما جعل الشركات المصرية تنفذ مشروعات بأعلى جودة وبمعدلات لم تكن موجودة من قبل.
التكنولوجيا تقلل الأعداد ولكنها لا تستغني عنه
وأكد غطاس أن العنصر البشري لا يمكن الاستغناء عنه في قطاع المقاولات، رغم أن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي خفّضا الاحتياج للعمالة بنحو 20% فقط (من 70% إلى 50%).
وأشار إلى أن التكنولوجيا أصبحت جزءًا أساسيًا من المتابعة والرسم الهندسي باستخدام الطائرات المسيرة “الدرون” والبرامج الهندسية، إلا أن تشغيل هذه الأنظمة يحتاج إلى مهندسين وفنيين مدربين.
وأوضح أن الشركات بدأت تدريب العمال والمهندسين على الأنظمة الهيدروليكية والميكانيكية الحديثة، مع الالتزام الصارم بإجراءات السلامة المهنية التي تُعد “شرطة الموقع”، مشيرًا إلى أن بعض المشروعات توقفت بالكامل خلال الأيام الماضية بسبب تحذيرات الرياح الشديدة حفاظًا على سلامة العمال.
وبيّن غطاس أن أبرز التحديات التي تواجه قطاع التشييد حاليًا هي تقلب أسعار مواد البناء، وخروج عدد من الشركات من السوق بسبب عدم قدرتها على تحمل الخسائر، إلى جانب صعوبة توفير السيولة للشركات الصغيرة والمتوسطة بسبب ارتفاع الفوائد.
وطالب بإطلاق مبادرات تمويل بفوائد ميسرة لمساعدة الشركات على شراء معدات حديثة ورفع كفاءتها.
وأشار غطاس إلى أن الشركات المصرية أصبحت تمتلك خبرة عالمية تؤهلها للتوسع في الأسواق الخارجية، خاصة في إعادة الإعمار والبنية التحتية بدول الجوار، مؤكدًا أن دولًا مثل تنزانيا ورواندا وعددًا من دول إفريقيا تقدم فرصًا ضخمة للمقاولات المصرية، بسبب قرب المسافة وانخفاض التكلفة وارتفاع كفاءة العامل والمهندس المصري.
وعن تكلفة التنفيذ، أوضح غطاس أن المشروعات الفندقية هي الأعلى تكلفة بسبب معايير الجودة والتشطيب المعقدة، تليها المباني الإدارية والمستشفيات، ثم المشروعات السكنية، مؤكدًا أن الوصول إلى مستوى عالمي في التشطيب يحتاج استثمارات كبيرة ومواصفات دقيقة.
الرابط المختصر: https://propertypluseg.com/?p=160591










