صرّح الدكتور محمد راشد، عضو غرفة صناعة التطوير العقاري بالاتحاد الأفروآسيوي، بأن السوق العقاري المصري يشهد خلال العام الجاري تحولًا محوريًا في أساليب البيع وتوجهات الشركات، وهو تحول انعكس مباشرة على سوق إعادة البيع “الريسيل”، الذي تأثر بصورة واضحة مع الاتجاه الواسع نحو مد فترات السداد وإتاحة تسهيلات ممتدة جذبت العملاء نحو الشراء المباشر بدلًا من اللجوء إلى صفقات إعادة البيع.
وأوضح راشد أن التوسع الكبير في مدد التقسيط، إلى جانب التنوع الجغرافي للمشروعات في العاصمة الإدارية والساحل الشمالي وغرب القاهرة وغيرها، أعاد تشكيل حركة الطلب داخل السوق، وجعل خطط السداد أحد العوامل الأكثر حسمًا في اتخاذ قرار الشراء.
وأشار راشد إلى أن شركات التطوير العقاري تعتمد بشكل أساسي على خطط السداد المرنة وإعادة تسعير الوحدات بما يتوافق مع التكلفة الفعلية ومعطيات السوق الراهنة، بما يضمن الحفاظ على القدرة الشرائية للعملاء وتنشيط حركة المبيعات.
وأضاف راشد أن الشركات باتت أكثر وعيًا بضرورة خلق بيئة تمويلية تساعد العملاء على اتخاذ القرار دون ضغوط مالية كبيرة، ما أدى إلى زيادة الإقبال على الشراء المباشر وتراجع نسبي في حركة إعادة البيع خلال الفترة الأخيرة.
وأكد راشد أن المرحلة الحالية تفرض على الشركات إدارة أكثر صرامة للتدفقات النقدية بالتوازي مع الالتزام بمعدلات تنفيذ مرتفعة، خاصة مع اتساع نطاق أنظمة السداد الطويلة التي وضعت على عاتق الشركات التزامات ممتدة لسنوات.
ولفت راشد إلى أن السوق يتحرك نحو مرحلة جديدة أكثر حساسية في العلاقة بين التسعير، والتنفيذ، والتمويل، وهي مرحلة ستكشف الفارق الحقيقي بين الشركات ذات الملاءة المالية القوية، وبين الشركات التي تعتمد على التدفقات المستقبلية دون وجود تقدم فعلي في الأعمال الإنشائية، الأمر الذي سيؤدي إلى نتيجة حتمية وهي حدوث فرز واضح في خريطة الشركات خلال العامين المقبلين.
وأوضح راشد أن السوق مقبل على دورة قوية من تسليمات المشروعات خلال 2025 و2026، وهو ما سيُعيد تنشيط سوق الريسيل بصورة طبيعية مدفوعة بالطلب الحقيقي على الوحدات الجاهزة أو القريبة من التسليم، خاصة في ظل وجود فئات جديدة من العملاء تفضّل تقليل المخاطر والاتجاه نحو وحدات شبه مكتملة بدلًا من الشراء على المخططات.
وفي تحليله للسيناريوهات المتوقعة للفترة المقبلة، أكد راشد أن الطلب سيتحرك بشكل انتقائي نحو الشركات التي تنجح في تحقيق التوازن بين المرونة التمويلية والتنفيذ الفعلي، بينما ستتراجع الشركات التي لا تمتلك نماذج تشغيل واضحة أو خططًا مالية متماسكة.
وذكر راشد أن السوق مرشح لانتعاشة تدريجية في الريسيل مع وصول عدد كبير من الوحدات إلى مراحل متقدمة من الإنشاء والتسليم، وهو ما سيخلق دورة تداول جديدة ترفع من سيولة السوق وتعيد ضبط العلاقة بين العرض والطلب.
وفيما يتعلق بدور الدولة وتطورات المشهد الاقتصادي، لفت راشد إلي أن الحكومة تواصل خلال الفترة الحالية تنفيذ سياسة تستهدف استقرار السوق العقاري من خلال دعم مشروعات البنية التحتية، والتوسع في المدن الجديدة، وتفعيل برامج التمويل العقاري، وهي أدوات من شأنها تعزيز الطلب الحقيقي وخلق مسارات شراء جديدة للفئات المتوسطة وفوق المتوسطة.
وإستكمل راشد بأن قرارات الفائدة سيكون لها تأثير مباشر على حركة السوق، فإذا اتجهت أسعار الفائدة إلى الاستقرار أو التراجع النسبي، سيشهد القطاع زيادة واضحة في الطلب وتوسعًا في استخدام أدوات التمويل العقاري، بينما يؤدي أي ارتفاع كبير في الفائدة إلى مزيد من الحذر في قرارات الشراء وزيادة الاعتماد على السداد المباشر طويل الأجل.
وفي توقعاته لحركة الأسعار، أكد راشد أن السوق سيشهد زيادة محسوبة في الأسعار خلال الفترة المقبلة تتراوح في معظم المناطق بين 10% إلى 18%، وهي زيادة ناتجة عن ارتفاع تكاليف التنفيذ ومواد البناء، لكنها لن تكون على شكل موجات مضاربية كما حدث في فترات سابقة، بل ستكون مرتبطة بقدرة الشركات على التنفيذ ومعدلات الإنجاز الفعلية، حيث أن المناطق ذات الجاهزية العمرانية والبنية التحتية المكتملة ستشهد معدل ارتفاع أعلى مقارنة بالمناطق التي لا تزال في مراحل التطوير الأولى، نظرًا لوجود طلب فعلي ومستقر على تلك المناطق.
واختتم الدكتور راشد بالتأكيد على أن السوق العقاري المصري يتجه نحو مرحلة أكثر نضجًا ووضوحًا، وأن الفترة المقبلة ستُبرز الشركات القادرة على إدارة مواردها بكفاءة وتقديم منتج عقاري متكامل، في وقت يتزايد فيه وعي العملاء ويتجه الطلب نحو الوحدات ذات القيمة المضافة الحقيقية، حيث أن أساسيات القطاع ما زالت قوية، وأن الفرص المتاحة للمطورين القادرين على التكيف وإدارة السيولة بذكاء ستتزايد بشكل ملحوظ خلال العامين المقبلين.
الرابط المختصر: https://propertypluseg.com/?p=160580
