أكد الدكتور محمد راشد، عضو المجلس التنفيذي للمجلس المصري للبناء الأخضر والتنمية المستدامة التابع لرئاسه مجلس الوزراء، أن مصر تقف اليوم على أعتاب ثورة عمرانية جديدة، حيث لم يعد البناء الأخضر مجرد خيار بيئي أو رفاهية حضرية، بل أصبح قطاع إنتاجي متكامل قادر على إعادة رسم خريطة الاقتصاد الوطني وصناعة التطوير العقاري.
وأشار راشد إلى أن الرؤية المستقبلية للعمران الأخضر تتجاوز تحسين جودة المباني، لتشمل إطلاق صناعات جديدة مرتبطة بالبناء المستدام، مثل إنتاج مواد البناء منخفضة الانبعاثات، أنظمة الطاقة المتجددة، حلول التهوية والتبريد الذكي، وأنظمة إعادة استخدام المياه والنفايات، بما يخلق قيمة مضافة للناتج المحلي الإجمالي ويعزز تنافسية مصر في الأسواق الإقليمية والدولية.
وأوضح راشد ؛ أن التحدي الأساسي يكمن في تحويل هذه الرؤية إلى واقع على الأرض، حيث يحتاج القطاع إلى أدوات تنفيذية وتشريعية فعالة، بالإضافة إلى تطوير السوق المحلي لتحفيز المطورين العقاريين على تبني هذه المعايير، مع وضع حوافز مالية وتشريعية تجعل العمران الأخضر خيارًا اقتصاديًا مربحًا لكل مستثمر ومطور.
وأكد راشد أن سيناريوهات التطبيق العملية متعددة، تبدأ بمشروعات تجريبية محدودة الحجم لإثبات جدوى الفكرة، مرورًا بالمجمعات السكنية والفندقية متعددة الاستخدامات، وصولًا إلى مدن ذكية ومستدامة بالكامل تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والطاقة النظيفة، مع تقليل الانبعاثات وإدارة الموارد بكفاءة عالية، لتصبح كل مدينة نموذجًا متكاملاً للعمارة والاقتصاد الأخضر.
وأشار راشد إلى أن هذه المشروعات تمثل فرصة لإعادة التفكير في التصميم العمراني نفسه، حيث يتم دمج التخطيط الحضري الذكي مع المعايير البيئية، مما يعزز جودة الحياة للمواطنين، ويضمن كفاءة تشغيلية عالية للمرافق، ويخفض تكاليف الصيانة والطاقة على المدى الطويل ، كما أن المكاسب الاقتصادية ملموسة وواضحة، حيث يمكن أن تخفض المشروعات المستدامة تكاليف الطاقة والمياه بنسبة 30–40%، كما تفتح المجال أمام سلاسل توريد صناعية جديدة وفرص عمل متخصصة في مجالات البناء الذكي والخدمات البيئية، مما يدعم النمو الاقتصادي ويزيد من جاذبية السوق العقارية المصرية للمستثمرين المحليين والدوليين.
ولفت راشد؛ إلى أن العمران الأخضر يمثل بوابة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، خاصة مع زيادة الطلب العالمي على المشروعات المستدامة والمباني الصديقة للبيئة، مشيرًا إلى أن المستثمرين يبحثون اليوم عن فرص عقارية تجمع بين الربحية والكفاءة البيئية، وأن التطبيق المنهجي لهذه الرؤية سيجعل مصر مركزًا إقليميًا لجذب رؤوس الأموال الأجنبية لدعم الاقتصاد الوطني.
وأوضح راشد ؛ أن نجاح هذا التحول يتطلب تضافر جهود الدولة والقطاع الخاص، من خلال وضع إطار تشريعي واضح للالتزام بالمعايير البيئية، وتقديم حوافز مالية وضريبية للمطورين والمستثمرين الملتزمين بالمعايير، فضلاً عن تعزيز الشراكات مع البنوك والمؤسسات التمويلية لتوفير تمويلات خضراء طويلة الأجل ، كما أن الدولة تلعب دورًا محوريًا في تمكين هذا التحول من خلال المشروعات القومية العملاقة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، والمدن الصناعية المستدامة، حيث يمكن دمج معايير البناء الأخضر في كل مراحل التخطيط والبناء والتشغيل، لتصبح هذه المدن نموذجًا يحتذى به في المنطقة العربية.
وأضاف راشد؛ أن العمران الأخضر يمثل كذلك آلية لتعزيز التكامل بين القطاعات المختلفة، من مواد البناء والطاقة النظيفة، إلى النقل والمياه والصناعات الخدمية، بما يخلق اقتصادًا دائريًا قائمًا على الاستدامة والإنتاجية، ويُعيد صياغة مفهوم الاستثمار العقاري ليصبح أكثر تكاملاً مع التنمية الاقتصادية الوطنية.
واختتم راشد بالتأكيد على أن العمران الأخضر ليس خيارًا مستقبليًا، بل هو الطريق نحو اقتصاد منتج ومستدام وقطاع عقاري قادر على خلق قيمة فعلية للمجتمع والاقتصاد الوطني ، حيث أن كل مبنى أخضر اليوم يمثل مشروعًا صغيرًا لإنتاج القيمة، وكل مدينة مستدامة هي منصة لتشكيل مستقبل مصر الاقتصادي والعقاري، حيث يلتقي الطوب بالطاقة، وتصبح العمارة أداة للنمو الحقيقي.”
الرابط المختصر: https://propertypluseg.com/?p=156004
                                
			
                                






							
							
							
							
							
							
							
                



