صرّح المعماري الاستشاري الدكتور مهندس محمد طلعت، رئيس مجلس إدارة شركة محمد طلعت معماريون، بأن الوقت قد حان ليتم الاهتمام بالعمارة باعتبارها منبرًا دبلوماسيًا ثقافيًا لا يقل تأثيرًا عن السياسة الخارجية أو الإعلام الدولي، موضحًا أن المرحلة المقبلة تستدعي تأسيس مفهوم جديد أطلق عليه اسم “الدبلوماسية المعمارية المصرية”، أي توظيف الفكر المعماري كأداة تواصل حضاري تُبرز مكانة مصر كقوة ثقافية وإنسانية رائدة في محيطها الإقليمي والعالمي.
وأوضح طلعت أن الدبلوماسية المعماريه تعد مفهومًا شاملًا تشترك فيه الثقافة والفن والعمارة وكل ما يعكس هوية الدولة وصورتها أمام العالم.
وأضاف طلعت أن المباني والمنشآت الكبرى باتت في حد ذاتها وثائق حضارية ودلالات رمزية تعبّر عن مدى تطور الأمم ونضجها الفكري، مؤكدًا أن أي مبنى مصري يُشيد خارج حدود الوطن يمكن أن يُصبح سفيرًا صامتًا يحمل رسالة ثقافية وإنسانية عميقة عن مصر.
وأشار إلى أن “الدبلوماسية المعمارية” يجب أن تكون مشروع دولة متكامل، تشترك فيه وزارات الخارجية والثقافة والإسكان والتعليم العالي، إلى جانب النقابات المهنية والمكاتب الاستشارية، بهدف صياغة رؤية وطنية واضحة للهوية المعمارية المصرية المعاصرة، وتقديمها للعالم في شكل إنتاج عمراني متطور ومؤثر.
وذكر طلعت إن هذه الرؤية يجب أن تستند إلى إعادة إحياء “الفكر المصري في العمارة” وتطويره، بحيث لا يُختزل في الطراز أو الشكل، بل يُعبّر عن منظومة فكرية متكاملة تستند إلى قيم الجمال، والوظيفة، والاستدامة، والإنسانية.
وأضاف طلعت أن العمارة بطبيعتها لغة عالمية، لا تحتاج إلى ترجمة، فهي تخاطب الوجدان البشري مباشرة، ولهذا فهي تملك قدرة فريدة على إيصال الرسائل الثقافية بطريقة ناعمة وعميقة في آنٍ واحد.
وأشار طلعت إلى أن المباني المصرية المعاصرة، إذا ما حملت فكرًا متكاملًا ومضمونًا يعكس فلسفة الدولة المصرية في التنمية والعمران، يمكن أن تتحول إلى قنوات تواصل حضاري تُعيد تقديم مصر كدولة تمتلك فكرًا عمرانيًا وإنسانيًا أصيلًا، قادرًا على الحوار مع العالم بلغته الجمالية والمعمارية الخاصة.
وتابع طلعت موضحًا أن “الدبلوماسية المعمارية” ليست مجرد فكرة رمزية، بل يمكن ترجمتها إلى سياسات عملية واضحة، من خلالتشجيع تصدير الخدمات والاستشارات الهندسية المصرية للأسواق الخارجية، وإطلاق برامج تعاون معماري بين مصر ودول أفريقيا والشرق الأوسط،والمشاركة المنتظمة في المعارض الدولية المعمارية الكبرى مثل بينالي البندقية،
هذا إلى جانب إنشاء “المركز المصري للهوية المعمارية والدبلوماسية الثقافية”، الذي يعمل على توثيق الفكر العمراني المصري وترويجه عالميًا.
وأكد طلعت أن هذه الرؤية لا تهدف فقط إلى إبراز مصر كصاحبة تاريخ معماري عريق، بل تسعى لتقديمها كـ دولة تمتلك فكرًا معماريًا مستقبليًا قادرًا على الإسهام في الحوار العالمي حول التنمية، والاستدامة، والهوية، والبيئة العمرانية، وهو ما يجعل من المعمار المصري شريكًا حقيقيًا في صياغة المستقبل الحضري للإنسانية.
واختتم طلعت بالتأكيد علي أن الدبلوماسية المعمارية ليست شعارًا أو مصطلحًا أكاديميًا، بل رسالة دولة تُعبّر عن نفسها من خلال عمرانها، وتُخاطب العالم بجمالها، وتُثبت أن مصر، بتاريخها وإبداعها وفكرها، لا تزال قادرة على أن تقود الوعي المعماري والحضاري في محيطها الإقليمي والعالمي
الرابط المختصر: https://propertypluseg.com/?p=152394