أوضح الخبير العقاري محمد فؤاد، المتخصص في ملف التطوير العقاري والتنمية العمرانية، أن منظومة “البيع قبل البناء” تُعد من أكثر الآليات شيوعًا في السوق العقاري المصري، لكنها تحمل في طياتها تحديات ومخاطر عدة، تتطلب تدخلًا تشريعيًا سريعًا وحازمًا لتنظيمها وحماية حقوق جميع الأطراف، سواء المطورين أو المشترين.
وأشار فؤاد إلى أن هذه المنظومة تساهم بشكل كبير في ضخ السيولة اللازمة لتنفيذ المشروعات العقارية، وتتيح للمطورين البدء في تنفيذ المشروعات دون انتظار التمويل التقليدي من البنوك أو المؤسسات المالية، مما يسرع من عملية التنمية العمرانية في مصر. لكنه أضاف أن ذلك لا يعني أن هذه المنظومة يجب أن تترك بلا رقابة أو تنظيم، لأن ذلك قد يؤدي إلى أزمات سوقية قد تضر بسمعة القطاع العقاري ككل.
وذكر أن أبرز المشكلات التي تواجه منظومة “البيع قبل البناء” تتمثل في عدم وجود آليات واضحة لضمان حقوق المشترين، خصوصًا فيما يتعلق بمواعيد التسليم، وجودة التنفيذ، والتغييرات في التصميم أو المساحات، إضافة إلى غياب نظام فعال للمتابعة والمساءلة من قبل الجهات الرقابية. وأوضح أن هذه الفجوات قد تؤدي إلى نزاعات طويلة الأمد، وفقدان ثقة المستثمرين والمستهلكين على حد سواء.
وأضاف فؤاد أن هناك حاجة ملحة لإصدار قوانين وتشريعات صارمة وواضحة تنظم هذه المنظومة، بحيث تلزم المطورين بتوفير ضمانات مالية حقيقية، كودائع أو تأمينات بنكية، تكفل للمشتري استرداد أمواله أو إكمال المشروع في حال تعثر المطور. كما يجب أن تتضمن التشريعات عقوبات رادعة لأي ممارسات غير قانونية قد تؤثر على حقوق المواطنين.
وشدد الخبير العقاري على أهمية تأسيس هيئة مستقلة تكون مسؤولة عن مراقبة سوق البيع قبل البناء، تتولى إصدار التراخيص، ومتابعة الالتزام بالمعايير الفنية والمالية، وكذلك تنظيم العلاقة التعاقدية بين المطورين والمشترين بشكل يحفظ حقوق الطرفين. وأشار إلى أن دولًا عدة نجحت في تطبيق مثل هذه الأنظمة، مما ساهم في تعزيز الثقة وزيادة حجم الاستثمارات العقارية.
وقال محمد فؤاد إن الدولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي قدمت العديد من الإصلاحات الاقتصادية والتنظيمية التي ساعدت على تعزيز تنافسية السوق العقاري وجذب المستثمرين، لكن ملف البيع قبل البناء يحتاج إلى مزيد من الاهتمام التشريعي ليصبح سوقًا أكثر أمانًا واستقرارًا، ولتجنب الآثار السلبية التي قد تنتج عن ضعف التنظيم.
وأضاف أن الحلول التكنولوجية أيضًا لها دور هام في تحسين منظومة البيع قبل البناء، مثل إنشاء منصات إلكترونية موحدة تعرض المشروعات بشفافية كاملة، تتيح للمشتري متابعة حالة المشروع والتواصل مع المطور بشكل مباشر، مما يقلل من حالات التضليل والاحتيال.
واختتم محمد فؤاد تصريحه قائلاً:
“منظومة البيع قبل البناء هي شريان حيوي لقطاع التطوير العقاري، ولكن لضمان استدامتها وحماية المستثمرين والمشترين يجب أن نضع إطارًا تشريعيًا متكاملاً، يعزز الثقة ويضمن حقوق الجميع، فبدون ذلك ستظل هذه المنظومة محفوفة بالمخاطر التي قد تعيق النمو الحقيقي لهذا القطاع الحيوي.
الرابط المختصر: https://propertypluseg.com/?p=142317