في ظل تزايد الجهود العالمية للحد من مخاطر التدخين التقليدي، أصبحت البدائل الخالية من الدخان محط اهتمام واسع من قِبَل العلماء وصنّاع القرار. إذ يراها البعض حلاً مبتكرًا لتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالتدخين. ومع ذلك، تثار العديد من التساؤلات حول فعالية هذه البدائل المبتكرة. فبينما تشير بعض الدراسات إلى أنها قد تقلل من التعرض للمواد الضارة، تحذر دراسات أخرى من أن هذه البدائل قد لا تكون خالية تمامًا من المخاطر. فهل تعتبر هذه البدائل خطوة حقيقية نحو تقليل المخاطر الصحية؟ أم أنها قد تحمل آثارًا غير معروفة تظهر مع مرور الوقت؟ هذه الأسئلة تفتح بابًا للنقاش بين الأطباء والباحثين من مختلف دول العالم، وتستدعي تسليط الضوء على أبعادها المختلفة.
أكد العديد من الخبراء خلال المؤتمرات الطبية العالمية التي أُقيمت في عام 2024 أن البدائل الخالية من الدخان تحتوي على مستويات منخفضة بشكل كبير من المواد السامة مقارنة بالسجائر التقليدية، مما يساهم في تقليص المخاطر الصحية المرتبطة بالتدخين. وأوضح الدكتور خافيير نييتو، أخصائي أمراض الكلى ورئيس جمعية ارتفاع ضغط الدم والمخاطر الوعائية في إسبانيا، قائلاً: “المنتجات الخالية من الدخان تحتوي على ما يصل إلى 95% أقل من المركبات الضارة، مما يؤدي إلى تقليل المخاطر الصحية. وعلى المدى القصير، أظهرت الدراسات انخفاضًا ملحوظًا في علامات التعرض للمواد الضارة، مما يسهم في تقليص احتمالية الإصابة بأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية.”
من ناحية أخرى، ينتقد د. غاريت ماكغفرن، أخصائي الإدمان والمدير الطبي في المملكة المتحدة، السياسات التي تعرقل استخدام البدائل الخالية من الدخان، قائلاً: “جعل الإقلاع عن التدخين أكثر صعوبة عبر رفع الأسعار أو تقليل جاذبية البدائل ليس هو الحل. يجب توفير خيارات واقعية تساعد المدخنين البالغين على تقليل المخاطر بدلاً من إعادتهم إلى التدخين التقليدي.”
أما غريغورز كرول، مدير منظمة “Knowledge Action Change” في إيطاليا، فيدعو إلى تغيير النهج التقليدي في مكافحة التدخين، قائلاً: “يجب أن نتجاوز مبدأ ‘الإقلاع أو الموت’ ونتبنى حلولًا تحترم الاختيار الفردي وتُحسِّن الصحة العامة. علينا الاستمرار في تحدي السياسات الرافضة للبدائل الخالية من الدخان، بناءً على الأدلة والبيانات العلمية.”
من جهته، يؤكد جيفري سميث، الزميل المقيم في المملكة المتحدة، قائلاً: “سوق النيكوتين البديل يمكن أن ينقذ ملايين الأرواح. كلما أسرعنا في تطبيع هذه الرسالة، سنتمكن من تقليل الوفيات المرتبطة بالتدخين التقليدي”.
وفي السياق ذاته، تطرق فيديريكو إن. فرنانديز، الرئيس التنفيذي لمنظمة ‘نحنُ الابتكار’ في السويد، إلى تجربة بلاده في تطبيق سياسات تهدف إلى الحد من مخاطر التبغ، والتي أدت إلى نتائج مثيرة للإهتمام. حيث أشار إلى أنه منذ عام 2005، انخفضت نسبة المدخنين البالغين في السويد من أكثر من 15٪ إلى 5.6٪ فقط بحلول عام 2023، مما يجعلها أدنى نسبة في الاتحاد الأوروبي. وأوضح أن هذه النتائج تحققت بفضل سياسات فعّالة مثل حظر الإعلانات، منع التدخين في الأماكن العامة، زيادة الضرائب على السجائر التقليدية، وتبني بدائل أقل خطورة.
وقد أثبتت الدراسات العلمية أن المنتجات الخالية من الدخان، مثل السجائر الإلكترونية والتبغ المسخن والتبغ الممضوغ وأكياس النيكوتين، تُعَدُ بدائل أقل خطورة من تدخين السجائر التقليدية. وقد أثبتت فعاليتها في تقليل المخاطر الصحية وتشجيع المدخنين البالغين على الإقلاع تدريجيًا. وبينما يُعتبر النيكوتين مسببًا للإدمان، فإن الدخان الناتج عن الاحتراق هو السبب الرئيسي للمخاطر الصحية.
لذلك، فإن اعتماد بدائل مبتكرة يُمثل خطوة جوهرية نحو تعزيز صحة الأفراد والمجتمعات. ومع ذلك، يبقى الخيار الأفضل لأي مدخن هو الإقلاع عن التدخين واستخدام النيكوتين بشكل أقل خطورة.
الرابط المختصر: https://propertypluseg.com/?p=135288