صرّح محمد علوي، رائد الأعمال والمتخصص في الاستشارات والتطوير العقاري، بأن مصر تمتلك اليوم فرصة تاريخية غير مسبوقة لبناء اقتصاد قوي ومؤثر عالميًا خلال السنوات العشر القادمة، موضحًا أن البلاد غنية بمواردها وبعقول أبنائها وبالزخم الذي تشهده قطاعاتها المختلفة، لكن ما ينقصها هو الشجاعة في اتخاذ القرارات، والقدرة على تبنّي رؤى جديدة غير تقليدية تعيد صياغة الواقع الاقتصادي بالكامل.
وأكد علوي أن النهضة الحقيقية تبدأ من “اختيار البشر”، فالدول الناجحة لا تُقاس بحجم مواردها بقدر ما تُقاس بقدرتها على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب بالوقت المناسب، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك كنزًا من العقول الشابة والقيادات المهنية والاقتصادية والتقنية، لكنها تحتاج إلى منظومة اختيار تقوم على الأمانة والكفاءة والتخصص والجرأة، لأن هذه العناصر هي التي تصنع قيادة قادرة على تنفيذ رؤية طويلة المدى، تمامًا كما فعلت الدول التي سبقتنا رغم محدودية مواردها مقارنة بما تمتلكه مصر اليوم.
وأضاف علوي أن ريادة الأعمال تمثل أحد أهم أدوات النمو الاقتصادي الحديث، وأن أغلب الاقتصادات التي قفزت للعالمية اعتمدت على تحويل المشكلات إلى شركات، والأزمات إلى فرص، موضحًا أن مصر تمتلك عددًا هائلًا من التحديات التي يمكن أن تتحول إلى حلول تجارية ناجحة، وأن نماذج الشركات الناشئة المصرية التي استطاعت تحقيق انتشار واسع رغم الظروف الصعبة تُثبت أن الإمكانات موجودة، لكن ما ينقص هو البيئة التشريعية والضريبية التي تمنح هذه الشركات الأمان وتساعدها على البقاء داخل الدولة بدلًا من الهروب للتسجيل في الخارج، وهو ما يحرم الاقتصاد المصري من استثمارات وضرائب ومواهب كان يمكن أن تكون قوة دفع هائلة لو تم الاحتفاظ بها.
وأشار علوي إلى أن تطوير البورصة المصرية ضرورة لا يمكن تأجيلها، مؤكدًا أنها يجب أن تتحول إلى قلب الاقتصاد وبوصلته بدلًا من كونها منصة تداول محدودة لا تعكس حجم السوق المصري الحقيقي، مضيفًا أن رفع كفاءة البورصة يتطلب طروحات حقيقية، وإدراج شركات التكنولوجيا، وإتاحة أدوات مالية حديثة، وحماية المستثمر الفردي، فضلًا عن ضرورة تأسيس منصة خاصة لشركات التكنولوجيا الناشئة تحت اسم “Nile Tech Exchange”، لأنها ستكون بوابة لجذب رأس المال العالمي وتسريع نمو قطاع الابتكار في البلاد.
وأوضح علوي أن القطاع العقاري المصري بحاجة إلى ثورة فكرية تبدأ بتعميم مفهوم الملكية الجزئية وصناديق REITs التي تتيح للمواطن الدخول في الاستثمار العقاري دون الحاجة إلى رؤوس أموال ضخمة، مؤكدًا أن هذه الآلية ستخلق سوقًا أكثر شفافية وتحوّل العقار من وحدة يتم بيعها إلى أصل مالي قابل للتداول، وأن دعم الدولة لصناديق الاستثمار العقاري في قطاعات البنية التحتية والضيافة والسياحة والأراضي الزراعية والمدن الذكية سيؤدي خلال سنوات قليلة إلى نشوء “بورصة عقارات” تمثل أصول المحافظات المصرية وتجذب مليارات الدولارات من الخارج، وهو ما يمكن أن يضاعف حجم القطاع العقاري عدة مرات بالعملة الصعبة.
كما شدّد علوي على أن مصر تمتلك مقومات تجعلها عاصمة إقليمية للداتا سينترز والذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط وأفريقيا، بفضل موقعها الجغرافي ومرور 14 كابل إنترنت بحري عبر أراضيها وشراكاتها القوية مع الصين في مجالات الطاقة الشمسية والتقنيات الحديثة، موضحًا أن إنشاء مناطق خاصة لخدمات البيانات، والاعتماد على الطاقة النظيفة، وبناء شراكات في تقنيات التبريد المتقدم والـGPU Clusters، سيُدخل للبلاد مليارات الدولارات سنويًا ويضعها في موقع تنافسي عالمي.
وأشار كذلك إلى أن البلوكتشين يمثل أداة حقيقية لمكافحة الفساد والهدر، ليس بوصفه عملات مشفرة بل باعتباره نظامًا للتوثيق لا يمكن التلاعب به، مؤكدًا أن تطبيقه في تسجيل الأراضي والتراخيص والجمارك والدعم وعقود الحكومة وسلاسل الإمداد سيخلق شفافية كاملة ويقلل الوقت والتكلفة ويمنع الأخطاء قبل حدوثها، موضحًا أن مصر تمتلك القدرة على التفوق على دول سبقت في هذا المجال مثل رواندا ودبي وأبوظبي إذا طبقت هذه التقنية على نطاق واسع.
واختتم علوي تصريحه بالتأكيد على أن الإنسان هو أساس كل اقتصاد، وأن بناء الشخصية المصرية الجديدة القادرة على المنافسة العالمية يتطلب تعليمًا يصنع مفكرين لا حافظين، وإعلامًا يعزز القدوات الإيجابية، ومحتوى فنيًا يرفع سقف الطموح، ومنظومة تحفّز الانضباط والموهبة والعمل، وهوية وطنية قائمة على الأخلاق والعلم والإبداع والقيم الراسخة، مضيفًا أن مصر ليست دولة فقيرة كما يروّج البعض، بل دولة غنية بإمكانات ضخمة لم تُستغل بعد، وأن التحرك الجاد في هذه المسارات كفيل بأن يصنع مصر جديدة تليق بتاريخها وتكون قوة اقتصادية عظمى قادرة على قيادة أفريقيا وربما العالم.
الرابط المختصر: https://propertypluseg.com/?p=158597











