صرّح المعماري الاستشاري الدكتور مهندس محمد طلعت، المعماري الاستشاري ورئيس مجلس إدارة شركة “محمد طلعت معماريون”، بأن التصميم الحضري لم يعد مجرد نشاط هندسي بصري، بل تحوّل إلى أداة مؤثرة في تشكيل السلوك الإنساني والانتماء المجتمعي، مشيرًا إلى أن المعماري أصبح اليوم شريكًا في بناء الإنسان، لا فقط المبنى.
الفراغ الحضري ليس حياديًا… بل يُشكل وعي الإنسان
و أوضح طلعت ؛ أن الفراغات الحضرية، سواء كانت شوارع أو ميادين أو ساحات عامة، تُعتبر من أقوى الوسائط غير المباشرة التي تُؤثر على الشعور الجمعي، مؤكدًا أن الإنسان إما يشعر بالترحيب والانتماء، أو بالعزلة والاغتراب، تبعًا لطريقة تصميم الحيز العمراني الذي يتحرك فيه.
وأضاف طلعت ؛ “في المدن المصممة بوعي، تُحفز الفراغات المشاركة المجتمعية، وتُقلل الإحساس بالعزلة. أما في المدن الفوضوية، التي تفتقر للهوية والتكامل البصري، فتكون النتيجة عزلة حضرية تُنتج سلوكًا فرديًا متوترًا، يُمكن أن يتحوّل في بعض الأحيان إلى تطرف أو انسحاب كامل من المجال العام.”
العدالة العمرانية أساس التوازن المجتمعي
و أشار طلعت ؛ إلى أن غياب العدالة في توزيع الخدمات والمرافق، أو في تصميم الفراغات العامة، يؤدي إلى إحساس بالتمييز المكاني، وهو شعور يُضعف الثقة بين المواطن والمدينة.
وذكر طلعت ؛ أن التصميم الحضري المتوازن، الذي يُراعي جودة الحياة لكل الفئات، يُعيد إنتاج التماسك المجتمعي من الأساس.
وأضاف قائلاً: “المعماريون لا يصممون المباني فقط، بل يضعون قواعد العيش المشترك. وعندما يُصمم الفراغ ليكون حيويًا، شاملًا، وآمنًا، فإنه يُنتج مجتمعًا يشعر بالاحترام والانتماء.”
المسؤولية المهنية تجاه المدن المُهمشة
وإستكمل طلعت ؛ إن كثيرًا من المدن في العالم العربي تنمو بسرعة عمرانية، لكنها تفتقر للرؤية التصميمية طويلة المدى، مشيرًا إلى أن التوسع الحضري بدون وعي تصميمي يُنتج بيئات مفككة لا تدعم التفاعل الاجتماعي، ولا تخلق ذاكرة مكانية مشتركة ، كما أن إعادة تأهيل الأحياء والمناطق العشوائية لا يجب أن تكون فقط بنقل السكان أو تحسين البنية التحتية، بل بإعادة صياغة تجربة الحياة داخل هذه المجتمعات، من خلال التصميم المعماري الإنساني الذي يُشعر المواطن بأنه مرئي، ومحترم، ومندمج في المدينة.
العمارة كأداة لإعادة بناء العلاقة بين الإنسان والمدينة
واختتم طلعت ؛ بأن المدن ليست جدرانًا وأسفلتًا، بل نظم معيشية نفسية واجتماعية معقدة. والتصميم الحضري هو الحلقة الأعمق في هذه المنظومة، لأنه يُعيد ترتيب العلاقة بين الإنسان ومكانه. نحن لا نبني مباني فقط، بل نبني مشاعر، وذاكرة، وشعورًا بالارتباط. وكلما صمّمنا بوعي، كلما شعر الإنسان أنه في وطن، لا في مكان عابر.
الرابط المختصر: https://propertypluseg.com/?p=146542