صرّح الخبير في تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي محمد سكراوي أن أحدث المؤشرات الدولية أظهرت تحولًا ملحوظًا في خريطة القطاعات الأكثر اعتمادًا على تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث تصدّر قطاع التكنولوجيا هذه القائمة بنسبة استخدام بلغت نحو 88% بين موظفيه، خاصة في المجالات المرتبطة بالتسويق والمبيعات، مما يعكس التحول العميق الذي يشهده هذا القطاع في آليات عمله وأدواته الرقمية.
وأضاف سكراوي أن قطاع الخدمات المهنية جاء في المرتبة الثانية بنسبة اعتماد بلغت حوالي 80%، وهو ما يبرهن على أن الذكاء الاصطناعي لم يعد حكرًا على الصناعات التقنية البحتة، بل أصبح ركيزة أساسية في القطاعات الاستشارية والمحاسبية والقانونية وغيرها من الأنشطة التي تتطلب دقة وسرعة في تحليل البيانات وصياغة القرارات. أما الصناعات المتقدمة مثل الطيران وأشباه الموصلات والإلكترونيات فقد حجزت موقعها في المرتبة الثالثة، وهو مؤشر على أن الصناعات الثقيلة والمعقدة بدأت بالفعل في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة وخفض التكاليف وتحسين جودة الإنتاج.
وأشار سكراوي إلى أن التقرير الصادر عن مؤسسة «ماكينزي» في يوليو 2024 كشف عن فجوة واضحة بين القطاعات، حيث سجلت وظائف التصنيع وسلاسل التوريد نسب استخدام متدنية لم تتجاوز 5% و7% على التوالي، بينما كان قطاع الطاقة والمواد الأقل اعتمادًا على هذه التكنولوجيا، وهو ما يعكس بطء التحول الرقمي في بعض المجالات التي لا تزال تقليدية في بنيتها التشغيلية وتعتمد أكثر على الموارد المادية والبشرية المباشرة.
كما أوضح أن اللافت في التقرير أن نسبة الشركات التي لجأت إلى استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في خمس وظائف أو أكثر قد ارتفعت إلى 16% في النصف الثاني من عام 2024، أي ما يعادل ضعف النسبة المسجلة في النصف الأول من العام ذاته، وهو ما يعد إشارة قوية على تسارع وتيرة الاعتماد على هذه التقنيات في وقت قياسي، الأمر الذي يطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل أسواق العمل، وإعادة هيكلة الوظائف، والتغيرات التي ستشهدها أنماط الإنتاج والخدمات على المستوى العالمي.
وتوقع سكراوي أن تشهد المنطقة العربية خلال السنوات الخمس المقبلة طفرة في تبني حلول الذكاء الاصطناعي، خاصة في قطاعات التمويل، والرعاية الصحية، والتعليم، والعقار، موضحًا أن الدول التي ستتمكن من دمج الذكاء الاصطناعي في استراتيجياتها التنموية مبكرًا، ستصبح أكثر قدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز مكانتها التنافسية عالميًا. كما ألمح إلى أن الذكاء الاصطناعي سيعيد رسم الخريطة الاقتصادية في المنطقة، ليخلق فرصًا جديدة للنمو ويوفر مسارات غير تقليدية للتنمية المستدامة
واختتم سكراوي تصريحاته بالتأكيد على أن قراءة هذه المؤشرات تتطلب من صناع القرار والشركات في المنطقة العربية إعادة النظر في استراتيجيات التحول الرقمي، والاستثمار بكثافة في تطوير الكفاءات البشرية وتبني الحلول المبتكرة، حتى تظل قادرة على المنافسة في ظل اقتصاد عالمي يقوده الذكاء الاصطناعي بوتيرة متسارعة غير مسبوقة.
الرابط المختصر: https://propertypluseg.com/?p=149194