صرّح الدكتور محمد راشد، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة التطوير العقاري وعضو أمانة الإسكان والتنمية العمرانية بحزب الجبهة الوطنية، أن القرارات الأخيرة الصادرة عن هيئة الرقابة المالية بشأن ضوابط إنشاء وتشغيل المنصات الرقمية للاستثمار في صناديق الملكية الخاصة ورأس المال المخاطر تمثل منعطفًا جوهريًا في مسار صناعة العقارات المصرية، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تحمل في طياتها تحولًا هيكليًا يضع السوق المصري على خريطة الأسواق الأكثر تطورًا من حيث أدوات التمويل العقاري والابتكار المالي.
وأوضح راشد أن الجمع بين التكنولوجيا المالية الحديثة عبر المنصات الرقمية وصناديق الملكية الخاصة ورأس المال المخاطر لا يعد مجرد آلية جديدة للتمويل، بل يمثل فلسفة استثمارية متكاملة تفتح المجال لمشاركة شريحة أوسع من المستثمرين في المشروعات العقارية الكبرى. هذه المشاركة لا تنعكس فقط على توفير السيولة اللازمة لدفع عجلة التنمية العمرانية، وإنما تسهم كذلك في خلق سوق أكثر عمقًا، وأكثر قدرة على امتصاص الصدمات الاقتصادية.
وأشار راشد إلى أن التجارب الدولية تؤكد نجاح هذه النماذج في تحقيق طفرة نوعية لقطاع العقارات. ففي الولايات المتحدة، أسهمت المنصات العقارية الرقمية المعتمدة على صناديق الملكية الخاصة في إتاحة الفرصة أمام المستثمرين الأفراد للاستحواذ على حصص في مشروعات ضخمة لم تكن متاحة لهم من قبل، وهو ما عزز من استدامة السوق ووسع قاعدة المشاركين فيه. أما في سنغافورة، فقد لعبت منصات الاستثمار العقاري المعتمدة على رأس المال المخاطر دورًا بارزًا في دعم الشركات الناشئة بمجال التطوير العقاري المستدام، ما ساعد على خلق بيئة عمرانية تتسم بالكفاءة والابتكار. وفي الإمارات العربية المتحدة، كان الاعتماد على صناديق استثمار عقاري خاصة عبر منصات رقمية أحد المحركات الرئيسية وراء القدرة على تمويل مشروعات عقارية كبرى مثل المدن الذكية والمجمعات السكنية المتكاملة.
وأضاف راشد أن مصر قادرة على تكرار هذه التجارب بل وتجاوزها، خاصة في ظل ما تشهده من طفرة عمرانية غير مسبوقة يقودها مشروع “الجمهورية الجديدة”. فوجود إطار قانوني واضح للمنصات الرقمية يعزز ثقة المستثمرين، ويشجع المؤسسات المالية المحلية والدولية على ضخ المزيد من رؤوس الأموال في مشروعات التنمية العمرانية. كما أن إدماج رأس المال المخاطر في هذا الإطار يفتح الباب أمام الأفكار المبتكرة في قطاع البناء والتشييد، مثل تقنيات العمارة الخضراء، والإنشاءات صديقة البيئة، والمدن الذكية المقاومة لتغير المناخ.
وأكد راشد أن هذه الضوابط الجديدة ترسم سيناريوهين محتملين للسوق العقاري في مصر:
• السيناريو الأول: أن تتحول المنصات الرقمية إلى منصة جذب كبرى لرؤوس الأموال المحلية والإقليمية، بما يتيح تمويل مشروعات سكنية وتجارية كبرى، ويسهم في تلبية الطلب المتزايد على الوحدات العقارية.
• السيناريو الثاني: أن تصبح مصر مركزًا إقليميًا للابتكار المالي في قطاع العقارات، بما يتيح تصدير التجربة المصرية إلى أسواق إقليمية أخرى، خاصة في أفريقيا والشرق الأوسط، مستفيدة من التشريعات المتطورة والبنية التحتية الرقمية التي تبنيها الدولة.
واختتم بالتأكيد على أن هذه الخطوة ليست مجرد تعديل تنظيمي، بل هي إعادة تعريف لطبيعة العلاقة بين المستثمر والمطور العقاري، وفتح آفاق جديدة أمام صناعة العقارات المصرية لتصبح أكثر مرونة، وأكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات العالمية، مشددًا على أن المستقبل العقاري لمصر سيُبنى على أسس رقمية ومالية مبتكرة تجعل من هذا القطاع ركيزة محورية لدفع النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة
الرابط المختصر: https://propertypluseg.com/?p=151813