أبرمت الحكومه المصريه 3 اتفاقيات مع صندوق النقد الدولي في عام 2016 ثم في عام 2019 و الاخيره كانت في ديسمير 2022 و تحصلت مصر علي 4 شرائح بعد ان تمت 4 مراجعات للاقتصاد المصري و تم تأجيل المراجعه الخامسه لتنضم للمراجعه السادسه في بدايه الربع الاخير من عام 2025
و رغم ان صندوق النقد الدولي اوضح أن مصر تواجه فجوة تمويلية تقدر بنحو 5.8 مليار دولار في 2025/2026 مقابل 11.4 مليار دولار خلال السنة المالية 2024/2025، باستبعاد التمويل المتوقع من الصندوق نفسه
إلا ان الحكومة المصرية نجحت في تأمين التزامات تمويلية لتغطية الاحتياجات خلال الأشهر الاثني عشر التي تنتهي في يناير 2026، من بينها مليار يورو حصلت عليها مصر من الاتحاد الأوروبي في ديسمبر، كجزء من حزمة تمويلية إجمالية تبلغ 5 مليارات يورو و من بينها صفقة الاستثمار مراسي ريد سي بالبحر الأحمر مع مستثمرين إمارتين و سعوديين في حدود 900 مليار جنيه مصري اي ما يعادل تقريبا 18 مليار دولار علي مراحل
بالاضافه الي توجه الحكومه لعقد اتفاقيات مبادله الديون مع الدول العربيه التي لها ودائع لدي البنك المركزي المصري و علي رأسهم السعودية و الكويت لمبادله الدين الي استثمارات مما سيقلل حجم الدين الخارجي علي الحكومه المصرية
و لا شك ان في ظل تحسن المؤشرات الاقتصادية في مصر و علي رأسهم معدل التضخم الذي انخفض في شهر اغسطس ليصبح في حدود 10,5 % كما اعلن الجهاز المركزي للإحصاء و التعبئة بالاضافه الي تحاوز مؤشر النمو الي اكثر من 3,6% و من المتوقع ان يتجاوز 4% مع نهايه السنه الماليه
و من ثم فإنه قد آن الأوان أن تخرج مصر من عباءة صندوق النقد الدولي و ان يكون آخر التعامل مع الصندوق في نوفمبر 2026 و ان يتم الإفصاح عن ما تحقق من روشته الاصلاح
مع الصندوق من نجاحات وإخفاقات و ان يكون هناك خطه اقتصاديه هدفها الاساسي تحسين الخدمات للمواطن وتحقيق التنمية المستدامة
كما لا يجب علينا ان نخضع لتعليمات صندوق النقد الدولي دون دراسه وتحديد الاثار الاقتصاديه علي توجيهات الصندوق للاقتصاد المصري
لان دعوه الصندوق لزياده سعر البنزين و المشتقات البتروليه في مصر سيؤدي الي زياده التضخم من 2%الي 3% علي الاقل
كما ان دعوه الصندوق الي قيام الحكومه بأطروحات للشركات
رغم انه امر جيد و يساعد بلا شك علي تحفيز القطاع الخاص و خروج الحكومه من النشاط الاقتصادي و تمكين القطاع الخاص وتشجيع الاستثمارات المحليه و الاجنبيه للدخول للسوق المصري
إلا ان الامر يحتاج لدراسه و عدم الطرح بسعر بخس و اقل من القيمه الحقيقيه للشركات من اجل ارضاء الصندوق فقط
لان الاصلاح الحقيقي يسعي لتحقيق اكبر استفاده ممكنه من المقومات و الاصول التي تمتلكها الدوله
ومن ثم مع تحقق بعض النجاحات مع الصندوق يجب ان يتم اداره الملف بأكثر وعيا سواء ان يكون الاتفاق الثالث الذي بدأ مع الصندوق في ديسمبر 2022 هو آخر اتفاق مع الصندوق و عدم تمديده بقرض و اتفاق جديد و خلال هذه المده ان يتم اداره الملف مع الصندوق باحترافيه و تحديد الاهداف و شرح وجهه النظر المصريه من عدم أتاحه الفرصه للأطروحات في ظل الانكماش الاقتصادي و عدم وجود آليه جيده للأطروحات
و ايضا عدم الضغط من جديد علي المواطن و عدم زياده الاسعار خاصه المحروقات و الكهرباء لاثارهم السيئ علي التضخم التي نجحت الحكومه في تخفيضه اكثر من 4% خلال الاربع شهور الاخيره
او ان يكون هناك تخفيض لقيمه الاتفاق الاخير مع الصندوق و البالغ قيمته 8 مليار دولار الي 5 مليار دولار
و اعتقد ان مصر في ظل زياده الحصيله الدولاريه من السياحه التي تجاوزت 16,7مليار دولار و تحويلات العاملين بالخارج التي تجاوزت 36,5 مليار دولار و عوده ايرادات قناه السويس و الاستثمارات المباشره تجاوزت 10 مليار دولار بالاضافه الي وجود استثمارات غير مباشره في السوق المصري و مع وجود احتياطي نقدي تجاوز 49,13 مليار دولار
كل ذلك يجعل مصر قادره علي سد التزاماتها
ولكن الاهم هو ان لا يكون الخروج من عباءه الصندوق بشكل مفاجئ قد ينتج عنه اثر سلبي لاسيما في التصنيف الائتماني للمؤسسات الماليه الدوليه او تقرير سيئ من الصندوق
كما ان لا يكون الخروج من عباءه الصندوق و الدخول في اتفاقيات تمويل و قروض جديده مع جهات و مؤسسات ماليه دوليه او اقليميه
و لكن نحن نحتاج لخطه اقتصاديه وطنيه لتحقيق معدلات نمو مرتفعه و تنميه اقتصاديه مستدامه و تحسين الخدمات المقدمه للمواطن و تقليل الاعباء الماليه مع استهداف تخفيض عجز الموازنة العامة و تخفيض حجم الدين العام الي اقل نسبه ممكنه من الناتج المحلي الإجمالي
ولا شك ان السرديه الوطنيه للتنميه الاقتصاديه تمثل إطار استراتيجي متكامل يحدد المسار الذي ينبغي أن يسلكه الاقتصاد المصري لتحقيق النمو المستدام، والعدالة الاجتماعية، وتمكين المواطن، وتعزيز مكانة مصر الإقليمية والدولية
حيث تمر مصر بمرحلة تاريخية دقيقة تتطلب صياغة رؤية وطنية شاملة للتنمية الاقتصادية، تتجاوز حدود السياسات الجزئية أو الاستجابة للمتغيرات
الحاليه عالميا و اقليميا
من ثم إن الخطه الوطنيه الاقتصاديه و الاجتماعيه او ما يعرف بالسردية الوطنية للتنمية الاقتصادية ليست خيارًا بل ضرورة لمصر في المرحلة القادمة. و هي السبيل لتحقيق التوازن بين النمو والاستقرار، وبين متطلبات المواطن والتزامات الدولة، وبين الداخل والخارج.
نجاح هذه السردية يتوقف على:
• ضروره وضوح الرؤية والأدوات و الآليات التي تستخدمها الحكومه لتنفيذ الخطة و السردية الاقتصاديه مع مشاركه جاده لمن يملكون الخبره العمليه
• و ايضا تماسك السياسات.
• و ضروره توافر الإرادة السياسية القوية.
• و مشاركة المجتمع والقطاع الخاص.
بهذا المعنى، فإن مصر أمام فرصة تاريخية لإعادة صياغة نموذجها الاقتصادي بعيدًا عن وصفات الخارج، وبما يخدم أهدافها التنموية الوطنية
د عبدالمنعم السيد
مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية و الاستراتيجية
الرابط المختصر: https://propertypluseg.com/?p=150047