صرح محمد فؤاد – خبير التنمية والتطوير العقاري ، وعضو جمعيه رجال الأعمال المصريه البريطانيه ، بأن التوجهات الديموغرافية تؤثر بشكل كبير داخل أي دوله على ديناميكيات سوق العقارات، وتعكس العلاقة التبادلية بين خصائص السكان والطلب على العقارات، وتشكل الفئة العمرية ما بين 25 و54 عاماً التي تمثل نحو أكثر من 70% من السكان، القوة الدافعة الرئيسة للطلب على العقارات السكنية والتجارية في مصر الأن، ويترجم هذا التركيب السكاني إلى سوق سكنية نشطة، و يتجلى ذلك في الارتفاع المتسارع للإيجارات السكنية خلال عام 2024 علي سبيل المثال، و في سوق العقارات العالمي، تلعب التطورات الديموغرافية والسكانية دوراً حيوياً في تحديد اتجاهات الطلب وتشكيل المشهد العقاري، فالتغيرات في التركيبة السكانية والديموغرافية تُعَدُّ عاملاً رئيسياً يؤثر على اختيارات المستهلكين واحتياجاتهم السكنية، مما يشكل تحديات وفرصاً لصناعة التطوير العقاري.
وأضاف فؤاد ، أنه في أسواق العقارات العالمية، تتغير الديناميكيات بسرعة متزايدة، مما يفرض تحولات جذرية على استراتيجيات التطوير العقاري، و يعكس هذا التطور المتسارع تفاعل الأسواق مع مجموعة من العوامل المتنوعة، من التكنولوجيا والديموغرافيا إلى التحولات الاقتصادية والاجتماعية ، حيث نجد أن أحدث تطورات سوق العقارات العالمي ترتكز حول عدة محاور رئيسية، تتمثل أهمية هذه التحولات في توجيه استراتيجيات التطوير العقاري نحو التكيف مع اتجاهات متغيرة، مما يتطلب فهماً عميقاً لهذه الأحداث وتقديراً دقيقاً لتأثيرها ، كما سيسهم ذلك في فهم كيف تُعيد هذه التحولات صياغة المشهد العقاري العالمي، وكيف تؤثر على اتجاهات التطوير والاستثمار في هذا القطاع الحيوي، كما أنها تساعد في فهم آليات كيف يتطور سوق العقارات المستقبلي تحت تأثير هذه التحولات الشاملة وكيف تقود استراتيجيات التطوير العقاري الحديثة نحو مستقبل مبهر ومستدام، فعلي سبيل المثال تعد أحد أبرز التأثيرات الديموغرافية هو تغير هيكلية السكان نتيجة لعوامل متعددة مثل الزيادة في عدد السكان، التغيرات في الأنماط الزوجية، وتأثير متغيرات الهجرة ، كما تشير الدراسات إلى أن زيادة تعداد السكان وانتشار العائلات المكونة من أفراد قد يزيد من الطلب على الوحدات السكنية الصغيرة والمرافق القريبة من الخدمات، كما أن معدلات الشيخوخة المتزايدة في بعض المجتمعات تؤثر على الطلب على أنواع معينة من العقارات، حيث يفضل الأفراد في هذه الفئة العمرية عادةً الانتقال إلى وحدات سكنية أصغر وأسهل في الصيانة، مما يعزز الطلب على المساكن المتخصصة للمسنين.
وأشار فؤاد، إلي أن التحولات الديموغرافية تؤثر أيضاً على اتجاهات الهجرة والتنقل، مما يخلق طلباً متغيراً في الأماكن التي يُفضل السكن فيها، عفلى سبيل المثال، تركز بعض المدن الكبرى على استقطاب العمالة المهاجرة، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على السكن في تلك المناطق، و بجانب التغيرات الديموغرافية، يؤثر التطور السكاني في تشكيل الطلب العقاري أيضاً على البنية التحتية وخدمات النقل والتجارة في المناطق الحضرية. فالتوجه نحو الحياة الحضرية والنمو السريع في بعض المدن يفرض ضغوطاً على البنية التحتية ويحتاج إلى تطوير وتوسعة، وهو ما يؤكد إن فهم العوامل الديموغرافية والسكانية وتأثيرها على الطلب العقاري يشكل مفتاحاً أساسياً لنجاح أي استراتيجية تطوير عقاري، حيث يعد الاستجابة لتلك التغيرات تحدٍ أساسياً يجب مواجهته بحسم وفعالية.
وذكر فؤاد ، أنه بالنظر إلي حاله دوله الأمارات العربيه المتحده ، و بالتزامن مع الطفرة في العقارات السكنية، تشهد سوق المكاتب في دبي نمواً قوياً في معدلات الإشغال، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى التركيبة السكانية الشابة، إذ ارتفع معدل الإشغال إلى 91.3% في الربع الأول من 2024 مقارنة بنسبة 90.1% في الفترة ذاتها من العام السابق، ويرجع هذا الارتفاع إلى تدفق الشركات الصغيرة والمتوسطة وازدهار قطاع الخدمات المالية، مدعوماً بتزايد عدد صناديق التحوط وشركات إدارة الأصول ، وبكل تأكيد يسلط هذا المستوى المرتفع من الإشغال الضوء على الطلب المتزايد على مساحات المكاتب العصرية والمرنة التي تلبي احتياجات القوى العاملة الوافدة بشكل أساسي، وذلك على الرغم من محدودية المعروض الجديد، كما تؤكد النسبة العالية للذكور في السكان البالغة 68.58%، الذين يشكلون جزءاً كبيراً من القوى العاملة في القطاعات التي تعتمد على المكاتب والمساحات التجارية، على العلاقة الوثيقة بين التركيبة السكانية ونمو سوق المكاتب ، هذا بالاضافه إلي أن التركيبة السكانية لدولة الإمارات، التي تتميز بنسبة كبيرة من الوافدين وتبلغ 88.50%، تعد محركاً رئيسياً لسوق العقارات التجارية، و هذا التركيب الديموغرافي الفريد يُسهم بشكل مباشر في ارتفاع الطلب المستمر على المساحات التجارية.
وأوضح فؤاد ، أنه على مدار السنوات القليلة الماضية، كان من الصعب للغاية تتبع خطوط اتجاه سوق العقارات والديناميكيات المتغيرة باستمرار في هذا القطاع الهام في مصر ، كما أنه لم تكون هنا أيه بيانات كافية عن التغيرات التي يشهدها سوق العقارات المصري، بالإضافة إلى تحليل دقيق لسلوك المستهلك في مصر، وهو بلاشك مايعد أمر هام لصناع العقار دائمًا، لما لذلك من أهميه لهم تمكنهم من تحديد اتجاهات وتفضيلات المشترين، بهدف تطوير الفهم الكامل لدوافعهم، والعوامل التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار أثناء وضع استراتيجيات التسويق أو المبيعات الفعالة، وإستكمل فؤاد بأن سلوك المستهلك المصري شهد تقلبات عنيفة عقب تخفيض قيمة العملة، بالإضافة إلى قرارات السياسة النقدية التي اتخذها البنك المركزي المصري اعتبارًا من عام 2016، مع استمرار الطلب على العقارات على الرغم من انخفاض القوة الشرائية ومستوى الدخل للمستهلكين ، إلا أنه وفي ظل ارتفاع الطلب على قطاع العقارات، لقد كانت أنشطة المستهلكين واتجاهاتهم هي الدوافع الرئيسية لقرارات الحكومة والقطاع الخاص خلال السنوات الأربع الماضية، ولعل مايؤكد ذلك ، فمثلا يعد الهدف الرئيسي لشراء المنازل في مصر في جميع الفئات الاجتماعية، لأغراض استثمارية، والسبب الآخر هو الانتقال أو الحصول على منزل للسكن، وهناك أسباب أخرى مثل شراء منزل أكبر، وذكر فؤاد أنه في فبراير 2018، حوالي 60 % من الوحدات المباعة في العاصمة الإدارية الجديدة، تم شراؤها من أجل الاستثمار، في حين بلغت نسبة الطلب الحقيقي 40% فقط، ولعل هذه النسب تعطي فكرة عن عقلية المستهلكين المصريين، الذين ما زالوا ينظرون إلى شراء وحدة سكنية كملاذ آمن، ويفضلون صناعة العقارات على باقي خيارات الاستثمار الأخرى.
وتحدث فؤاد أيضا ، في أن ديناميكيات سلوك المشتري تختلف في القطاعات الفرعية لسوق العقارات، فمنذ تعويم الجنيه المصري في عام 2016، عانت صناعة العقارات كثيرًا، وهو مايؤكد أن الظروف الاقتصادية في مصر أثرت على اتجاهات المشترين في السوق العقاريه خلال السنوات الماضية ، ففي الواقع ، تسبب تعويم الجنيه في تأثير إيجابي على مواقف العملاء وتسريع قرارات الشراء، مما أدى إلى مزيد من النمو في السوق الأولية،و خلال فترة الأربع سنوات الماضية، ازدات ثقة المستثمرين بشكل خاص في الأسواق التجارية وتجارة التجزئة والمكاتب، وعندما يتعلق الأمر بالسوق التجاري، ينبغي أن نأخذ في الاعتبار اتجاهات سوق المكاتب الجديدة وأحدث تطورات البيع بالتجزئة، مما يعكس اتجاهات المستهلكين الأكثر نشاطًا ، إلا إن سوق المكاتب ليس استثناء، لقد حافظ القطاع الفرعي على نمو موسع بوتيرة صحية، حيث كان الطلب على المساحات المكتملة نتيجة نقل الشركات المحلية واستمرار الطلب من الشركات متعددة الجنسيات.
وإختتم فؤاد ، لم يكن تأثير التطورات الديموغرافية والسكانية على اتجاهات الطلب العقاري مجرد محاولة لفهم سلوك العملاء وحسن استيعاب احتياجاتهم السكنية فقط، بل كانت استراتيجية حيوية لتطوير قطاع العقارات، و توضح هذه التحولات العميقة العوامل التي يجب مراعاتها عند التخطيط لأي استثمار عقاري، وتجسد أهمية مراجعة الاستراتيجيات المستقبلية ، وباستخدام المعلومات المقدمة حول التغيرات السكانية والديموغرافية، يصبح بالإمكان تحديد السياق الذي يتحرك فيه سوق العقارات وتوقع الاحتياجات القادمة، حيث أن فهم تلك الديناميات يمهد الطريق لمشاريع تطوير عقاري مستدامة وتحقيق النجاح في مختلف السيناريوهات الاقتصادية، ، مع استمرار تغير الديموغرافيات والتحولات الاقتصادية، تبقى التوقعات والمعرفة بالاتجاهات العالمية ذات أهمية بالغة، وذلك لأن تحقيق التوازن بين المرونة والابتكار في استراتيجيات التطوير العقاري يعتبر خطوة حاسمة لتحقيق النجاح والاستمرارية في هذا المجال ، لذا يجب أن نضع دائماً في اعتبارنا التأثير الجذري لهذه التحولات عند التفكير في مستقبل العقارات من خلال تبني استراتيجيات مبتكرة وتطوير التسويق بالتوازن مع التطورات التكنولوجية، يمكننا أن نضمن استمرارية نجاح قطاع العقارات وفاعليته في مواجهة التحديات المستقبلية.